الثلاثاء، 25 نوفمبر 2008

المكتبات الشخصية



المكتبة الشخصية ليست مجرد مجموعه من أوعية المعلومات توضع فى المنزل أو مكتب فرد ما ، ولا تستخدم فتصبح مجرد ديكور بالمنزل أو شيئا مكملا لزينة المنزل أو مكتب صاحبها ، وإنما أهم شيء فى المكتبة الشخصية – سواء أكانت مفهرسة أو لا ، منظمة بطريق من طرق الترتيب المعروفة أو منظمة بطريقة يبتدعها صاحبها – هو الاستخدام من جانب صاحب المكتبة أو من جانب أصدقائه وأقاربه .
وللمكتبات الشخصية دور كبير فى المجتمع حيث تؤدى إلى رقى وتقدم المجتمع ولذلك سوف أتناول مفهوم المكتبات الشخصية والمقصود بها، وأحدد أحدد المقصود بصاحب المكتبة الشخصية ومدى حاجة الأفراد والمجتمع إلى المكتبات الشخصية وكذلك نبذة عن تاريخ المكتبات الشخصية فى العصور القديمة ، والوسطى ، الحديثة والتعرف على حالها فى هذه العصور.

* أولا: مفهوم المكتبات الشخصية:
هناك عدة تعريفات للمكتبات الشخصية وسوف نأتي فيما يلي على أهم تلك التعريفات
( فقد عرف هارود ) المكتبة الشخصية بأنها" المكتبة التي يمتلكها الفرد وكذلك يمتلكها فئات من الناس أو النادي أو مؤسسة أخرى حيث العامة ليس لهم الحق فى الدخول إليها".
فالتعريف السابق يبين أن المكتبة الشخصية هي التي يمتلكها الفرد وهذا ما سوف أتناوله فى هذه الدراسة أما التي يمتلكها فئات من الناس مثل النادي أو المؤسسة فلا تدخل ضمن نطاق هذه الدراسة وكذلك يؤكد التعريف على أن من صفات المكتبة الشخصية أنها غير مفتوحة للعامة وهذا ما يميزها عن المكتبات الأخرى.

أما تعريف الدكتور شعبان خليفة للمكتبات الشخصية بأنها "مكتبة الفرد ، يقيمها فى منزله أو مكتبه أو صالونه ، وتتلون عادة بلون اهتماماته ورغباته وظروفه الشخصيـة " .
وهذا التعريف يركز على أن المكتبة الشخصية توجد فى منزل الشخص أو مكتبه أو صالونه وإن مجموعات المكتبة الشخصية لفرد ما تتغير على حسب تخصص الشخص وميوله واهتماماته .
ومن تلك التعريفات نخلص بالتعريف الإجرائي التالي الخاص بالمكتبات الشخصية :
" أن المكتبة الشخصية هي التي ينشئها الأفراد فى منازلهم أو مكاتبهم لخدمة أغراضهم الشخصية ولخدمة المحيطين بهم من الأهل والأصدقاء وتظل فى حوزتهم فى مكان إقامتهم أو مكاتبهم وقد تؤول بعد وفاة أصحابها إلى أي مكتبة رسمية أو تؤول إلى الورثة ومجموعاتها تدور فى نطاق تخصص أصحابها واحتياجاتهم واهتماماتهم الشخصية
"
* ثانيا:أهمية المكتبات الشخصية :
تبرز أهمية المكتبات الشخصية تجاه مالكيها والمحيطين بهم من الأهل والأصدقاء فى التدعيم المهني والتخصصي لأصحابها وإثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية لهم وكذلك تعكس مدى تقدم ورقى المجتمع وتوضح ميول واتجاهات القراءة فى المجتمع .
وتبرز أهميتها كذلك فى أن ( صاحبها ) يحاول أن يبنى مجموعة متوازنة من أوعية المعلومات حول موضوعات اهتمامه وتخصصه وذلك بطريقة أفضل مما تقوم به أي مكتبة رسمية أخرى ولأن هذا النوع من المكتبات لا يخدم الجمهور العام ولكنه يخدم صاحبه فقط فإن مجموعات المكتبة الشخصية يمكن أن تبنى إلى درجة الكمال فى مجالات معينة وتتم صيانتها والعناية الفائقة بها عن المجموعات الموجودة فى أي مكتبة رسمية أخرى كما أن المكتبة الشخصية عادة ما تكون بعيدة عن التخريب والتدمير الذي تتعرض له مجموعات المكتبات الرسمية كما أنها بمنأى عن سوء الاستخدام الذي تتعرض له مجموعات المكتبات الرسمية .
وللمكتبة الشخصية أهمية عظيمة حيث أنها قد تؤول فى النهاية إلى المجتمع إما عن طريق صاحب المكتبة نفسه عندما يهبها لمكتبة معينة أو للمجتمع أو بعد وفاته يقوم الورثة ببيعها أو إهدائها لمكتبة معينة أو للمجتمع ، وكذلك قد نجد أن بعض المكتبات الرسمية الكبرى قد أقيمت على أساس من المكتبات الشخصية .
إن الشخص يترك مدرسته أو معهده أو كليته فى يوم من الأيام فينقطع عن مدرسته كما ينقطع عن مكتبة معهده أو مدرسته أو كليته ، لابد من توفير وسيلة الاتصال بموضوعات تخصصه والاتصال بالوسائل التي تبنى الثقافة ، والمكتبة الشخصية تؤدى دورا عظيما فى تحقيق هذا الاتصال .
ولذا فإن مكتبة البيت ( الشخصية ) تعد بمثابة الروح من الجسد يقول عيسى إسكندر المعلوف عن أهمية المكتبة الخاصة
شيشرون قال قولا حبذا قول الفصوح
أن بيتا دون كتب جسد من غير روح

* ثالثا: نماذج من أشهر المكتبات الشخصية في عصرنا الحديث :
ونجد أن هناك أمثلة كثيرة في مجتمعنا المصري في عصرنا الحديث عن المكتبات الشخصية التي يقتنيها أشخاص مشهورين من أدباء وكتاب وعلماء ومؤرخين وأمراء وغيرهم كثيرين وسوف نذكر أمثلة من هذه المكتبات الشخصية:
1- مكتبة عباس العقاد ( 1889م- 1964م): وهو عباس بن محمود بن إبراهيم بن مصطفي العقاد عملاق الأدب العربي ولد عام 1889م في أسوان وهو أديب وناقد وصحفي مصري وظل العقاد عظيم الإنتاج لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب حتى تجاوزت كتبه مائه كتاب بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في الصحف والدوريات ووقف حياته كلها علي خدمة الفكر الأدبي حتى توفي في 1964م(12) وقد جمع في طيلة مشوار حياته مكتبة خاصة به وصلت إلي حوالي 19.091 مجلد منهم حوالي 6928 كتاب عربي، 292 دورية عربية، و 11708 كتاب أجنبي، و 163 دورية أجنبية في موضوعات مختلفة أهمها الأدب العربي والأدب الإنجليزي واللغة العربية وغيرها من الموضوعات المختلفة التي كان يقرأها.

2- مكتبة أحمد تيمور باشا ( 1871م-1930م): وهو أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور العالم بالأدب، باحث، مؤرخ مصري من أعضاء المجمع العلمي العربي ولد بالقاهرة سنة 1871م وتوفي بها سنة 1930م(13)، وكان أكبر قارئ في تاريخنا العربي المعاصر فقد استطاع أن يجمع مكتبة خاصة به تضم حوالي 28.200 مجلد منها 19.527 مجلد مطبوع، و 8673 مخطوط في موضوعات مختلفة منها التاريخ والجغرافيا والأدب والعلوم الشرعية والإسلامية وغيرها من الموضوعات المختلفة وقد سمي مكتبته بالخزانة التيمورية.

3- مكتبة أحمد زكي باشا ( 1867م- 1934م): وهو أحمد زكي بن إبراهيم بن عبد الله شيخ العروبة، أديب بحاثة مصري، ومن كبار الكتاب (14)، وخطيبا ورائدا من رواد إحياء التراث والآثار العربية ولقب بشيخ العروبة، وقد عاش حياة خصبة للفكر والعلم والأدب والتاريخ واللغة باحثا في أعماق الكتب (15)، وقد جمع مكتبة كبيرة تضم 20.104 مجلد منها 18.622 مجلد مطبوع بالعربي والإفرنجي بالإضافة إلي 1482 مخطوط في موضوعات اللغة العربية والتاريخ والأدب والدين وغيرها من الموضوعات المختلفة وقد سمي مكتبته بالخزانة الزكية.

4- مكتبة أحمد طلعت باشا( 1859م-1927م): وهو أحمد طلعت باشا صاحب المكتبة المعروفة باسم مكتبة طلعت وقد تولي الكتابة في ديوان الخديوي عباس حلمي وقد انشأ مكتبة كبيرة تضم حوالي 30.000 مجلد منها 20.421 مجلد عربي وأجنبي و9549 مخطوط في موضوعات الفقه والتصوف واللغة العربية والأدب والتاريخ والجغرافيا وغيرها من الموضوعات المختلفة.

ليست هناك تعليقات: